سنوات
مع اسئلة الناس
لقداسة
البابا شنودة الثالث السؤال الاول
الاية الخاصة بالتثليث (1 يو 5 : 7 ) التي تقول " فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي
السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ
الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ. " ... هذه الآية في إحدي الترجمات العربية محاطة
بقوسين ، و مكتوب في الحاشية أنها غير موجودة في
بعض النسخ . فهل هذا يهدم عقيدة
التثليث؟
الاجابة :
إن كانت هذه الآية لم توجد في بعض النسخ
، فلعل هذا يرجع إلى خطأ من الناسخ ، بسبب وجود اَيتين متتاليتين ( 1 يو 5 : 7 ، 8
) متشابهتين تقريباً في البداية والنهاية هكذا:
الذي
يشهدون في السماء ... و هؤلاء الثلاثة هم واحد.
و
الذين يشهدون علي الأرض ... و الثلاثة هم في الواحد .
و مع
ذلك هذه الآية موجودة في كل النسخ الآخري ، و في النسخ الأثرية .
هذه
نقطة.
والنقطة
الأخري هي أن العقيدة المسيحية لا تعتمد علي اَية واحدة .
إذ
توجد عقيدة التثليث في العهد الجديد . و من الآيات الواضحة قول السيد الرب
لتلاميذه عنهم في التبشير :
"
وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ " ( مت 28 : 19
)
و
هنا يقول " باسم " و لم يقل ( باسماء ) مما يدل علي أن الثلاثة هم واحد
، و هذا يشابه نفس معني الآية ( 1 يو 5 : 7 ) . و يقول الكتاب أيضاً " نِعْمَةُ
رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ اللهِ، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ الْقُدُسِ مَعَ
جَمِيعِكُمْ " ( 2 كو 13 : 14 ) . و هنا أيضاً يذكر الأقانيم الثلاثة معاً .
و عن الوحدة بين الأقانيم ، يقول السيد المسيح :
"أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ" ( يو 10
: 30).أي واحد في الجوهر ، و في الطبيعة ...و من جهة الروح القدس ،هو روح الله
نفسه ، و طبيعي أن الله و روحه كيان واحد . فلا يمكن أن ينفصل الله عن روحه ، أو
أن يكون الله غير روحه . هما إذن واحد . و في
( أع 5 : 3 ، 4 ) في توبيخ القديس بطرس
لحنانيا يقول له " لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب علي الروح القدس ... أنت لم
تكذب علي الناس بل علي الله " . فهو يقول إن الكذب علي الروح القدس هو الكذب
علي الله . لأن الله و روحه لاهوت واحد . و ما أكثر الآيات التي يمكن أن نوردها في
هذا المجال . و لكننا نجيب هنا في اختصار للتوضيح و لا داعي لأن يقول البعض إن
إحدى النسخ سقطت منها آية ، لأن نسخ الكتاب كانت بالآلاف و بعشرات الآلاف في
العصور الأولي ، و قبل اختراع الطباعة إنها طريقة تشكيك ، لا تتفق مع روح الكتاب .
و العقيدة المسيحية الراسخة منذ العصر الرسولي ، ما كانت تخفي عليها آيات الكتاب
المقدس ، بل هي مؤسسة علي آيات الكتاب .
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
السؤال الثاني
هل حدث علي الصليب أنه اصطلح عدل الله مع رحمته ؟
الاجابة :
ليس هناك خلاف إطلاقاً بين عدل الله و
رحمته ، لأنه لا يمكن أن يوجد تناقض بين صفات الله تبارك إسمه . فالله رحيم في
عدله ، و عادل في رحمته .
عدل الله مملوء رحمة . و رحمة الله مملوءة
عدلاً . و يمكن أن نقول إن عدل الله عدل رحيم ، و رحمته رحمة عادلة . و نحن لا
نفصل إطلاقاً بين عدل الله و رحمته .
و حينما نتكلم مرة عن العدل ، و أخري عن
الرحمة . فلسنا عن الفصل نتكلم ،و إنما عن التفاصيل
أما
علي الصليب ، فكما قال المزمور العدل و الرحمة تلاقيا أو الرحمة و الحق
تلاقيا ( و ليسا تصالحا !! ).
إن كلمة مصالحة ، تعني ضمناً وجود خصومة
سابقة . و حاشا أن يوجد هذا في صفات الله ! و حتي عبارة التلاقي ، تعني هذا التلاقي
أمامنا نحن ، في مفهومنا نحن أما من الناحية اللاهوتية ، فهناك التلاقي بين العدل
و الرحمة منذ الأزل . و كما قلنا عن الله أن عدله مملوء رحمة ، و رحمته مملوءة
عدلاً .
و علي الصليب رأينا نحن هذا التلاقي بين العدل و الرحمة . و هو تلاق دائم . و لكننا نحن كبشر ، رأيناه علي الصليب ... رأينا هذه الصورة الجميلة ، التي أعطت لعقولنا البشرية مفهوماً عن تلاقي العدل و الرحم
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
السؤال الثالث
- في عقيدة التجسد ، يقدم البعض سؤالاً و هو :
كيف
يشق الله لنفسه طريقاً من اللامحدودية إلى المحدودية ، مع بقائه غير محدود في
ذاته
؟! أليست في هذا محاولة لإخضاع الله لعقول البشر ؟
الاجابة :
في
التجسد لم يتحول الله من اللامحدودية إلى المحدودية . و إنما بقي غير محدود . و مع
أنه أثناء الحمل ، كان في بطن العذراء ، إلا أنه كان في نفس الوقت مالئ السموات و
الأرض . ها نحن الآن – أنا و أنت – كل منا في حجرة محاطة بجدران ، مغلقة بنوافذ و
أبواب فهل الله موجود في هذه الحجرات ، أم غير موجود ؟
لا شك أنه موجود طبعاً ، لأنه لا يخلو منه
مكان . فهل وجوده في حجرة مغلقة ، يمنع وجوده في كل مكان آخر ، و في السماء و
الأرض ؟!
هكذا
حينما كان في بطن العذراء أثناء الحمل الإلهي .
و
هكذا كان في كل وقت أثناء فترة تجسده علي الأرض .
كان يكلم نيقوديموس في أورشليم . ومع ذلك
قال له " وَلَيْسَ أَحَدٌ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ إِلاَّ الَّذِي نَزَلَ
مِنَ السَّمَاءِ، ابْنُ الإِنْسَانِ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ " ( يو3 :
13 ) أي أنه كان في السماء ، حينما كان يكلم نيقوديموس علي الأرض ، في أورشليم . و
بالمثل حينما كلم الله ابانا إبراهيم . و حينما كلم موسي النبي و سلمه لوحي
الشريعة . و كان ذلك في بقعة معينة من الأرض ، بينما هو يملأ السموات و الأرض . و
بالمثل حينما كلم آدم في جنة عدن . و بالمثل حينما يقول الكتاب " أَمَا تَعْلَمُونَ
أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ " ( 1 كو 3 : 16
) . فهل وجود الله فينا ، يمنع وجوده في كل مكان ؟! طبعاً لا . هو موجود في كل
مكان علي حده ، و هو موجود في العالم كله ، و في السموات ، و لا يحده مكان .
و أنت حينما تقول " الله في قلبي
" .. هل يمنع هذا وجوده في قلوب المؤمنين جميعاً ، ووجوده في كل مكان في
السماء و علي الأرض ؟! طبعاً لا ... وهوذا الشاعر يقول للرب في ذلك :
لم يسعك الكون ما أضيقه كيف للقلب إذن أن يسعك ؟!
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
السؤال الرابع
4 - يوجد من يقول إن آدم أعظم من المسيح . لأنه
إن كان المسيح قد ولد من إمرأة
بغير رجل ، فإن آدم لم يولد من رجل ولا من إمرأة ؟ فما رأيكم ؟ وأيهما
أعظم ؟
الاجابة :
لا وجه للمقارنة إطلاقاً بين آدم و السيد
المسيح . و علي الرغم من ذلك سنذكر النقط الآتية :
1- حقاً إن السيد المسيح قد ولد بطريقة
معجزية لم يولد بها أحد من قبله و لا من بعده . أما آدم فلا علاقة له مطلقاً
بالولادة . إنه قد خلق من تراب الأرض .و طبعاً للتراب مرحلة أقل . آدم مخلوق من
تراب ، من أديم الأرض ، لذلك سمي آدم . أما السيد المسيح فمولود غير مخلوق .
2-
المسيح هو كلمة الله ( يو 1 : 1 ) . أما آدم فهو مجرد عبد لله .
3- السيد المسيح يتميز عن آدم بالقدسية و
الكمال . فقد أخطأ آدم ، و جر العالم كله معه إلى الخطية . أما السيد المسيح فهو
الوحيد الذي لم يخطئ ، لذلك سمي قدوساً (
لو 1 : 35 ) . إنه الوحيد الذي تحدي جيله قائلاً " مَنْ مِنْكُمْ
يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ "
( يو
8 : 46 ).
4- آدم نتيجة لخطيئته طرد من الجنة . أما المسيح فجاء ليخلص آدم و
بنيه ، و يعيدهم إلى الفردوس مرة أخري . فهل يعقل أن الذي طرد من الفردوس ، يكون
أعظم من الذي أعاده إليه ؟!
5 -
آدم مات ، و تحول إلى تراب بعد أن أكله الدود . و لا يعرف له أحد قبراً و لا
مزاراً . أما السيد المسيح ، فإن جسده لم ير فساداً . و لم يقل أحد أن الدود قد
أكل جسده ، بل إنه صعد إلى السماء و جلس عن يمين الآب .
6 -
آدم لم يقم من الموت حتى الآن .و لا يزال ينتظر القيامة العامة . أما السيد المسيح
فقد قام بمجد عظيم ، و هو سيأتي في آخر الزمان للدينونة ، ليدين الأحياء و الأموات .
7 -
لم نسمع عن آدم أنه كانت له رسالة في هذا العالم . بل لا نعرف له تاريخاً سوي أنه
خلق و أخطأ و طرد من الجنة و مات . و كان أحد بنيه هو أول قاتل في العالم . أما
السيد المسيح فقد كانت له رسالة عظيمة هي الخلاص ، فقد حمل خطايا العالم كله و مات
فداء عنه . كما أنه صحح الأوضاع الخاطئة في جيله ، و قام بهداية الناس في جيله . و
لم يعمل آدم شيئاً من هذا .
8 -
كان السيد المسيح معلماً ، ترك أعظم التعاليم لجيله و لكل الأجيال . وقد بهت الناس
من تعليمه ( لو 2 : 47 ) . أما أبونا آدم ، فلم يترك لنا أي تعليم ، و لا أية كلمة
أو نصيحة !
9 -
السيد المسيح عمل معجزات لم يعملها أحد : منها إقامة الموتى ، والخلق ، ومعجزات
شفاء عجيبة كشفاء المولود أعمي ( يو 9 ) . و لم نسمع عن إبينا آدم أنه صنع معجزة
واحدة ! ..فهل يمكن مقارنته بالسيد المسيح الذي قال عنه القديس يوحنا الحبيب إنه
صنع معجزات أخري لو كتبت واحدة فواحدة ، ما كان العالم يسع الكتب الموجودة ( يو 21
: 25 ).
10-
كانت للسيد المسيح صفات القيادة . و كانت الآلاف تتبعه . أما آدم فما قاد أحداً
حتى امرأته . بل علي العكس قادته هذه المرأة ، حينما أعطته من الثمرة المحرمة فأكل
مخالفاً للوصية .
11 -
كل هذا من الناحية البشرية . اما من الناحية اللاهوتية الخاصة بالسيد المسيح فلا
نستطيع أن نقارن إنساناً مخلوقاً بهذا الذي " كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ،
وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ " ( يو 1 :3 ) . وهذه النقطة
وحدها تحتاج إلى كتاب خاص في لاهوت المسيح .
12 -
حقاً إن ابانا آدم هو أبونا كلنا . و لكن هذا شئ ، و لكنه أعظم من المسيح شئ آخر لا
يقبله عقل .بل أن كثيراً من أبناء آدم كانوا أعظم منه ! مع توقيرنا لأبوته ..
تعليقات بلوجر
تعليقات فيسبوك