كيف يموت المسيح علي الرغم من لاهوته ؟ هل الله يموت ؟ و هل موت المسيح كان ضعفاً ؟ و من كان يدير الكون أثناء موته ؟ وما المعني اللاهوتي لعبارة " صعد إلى السماء ، و جلس عن يمين الآب " ؟ و هل الله مثلنا له يمين و يسار ؟


كيف يموت المسيح علي الرغم من لاهوته ؟ هل الله يموت ؟
و هل موت المسيح كان ضعفاً ؟ و من كان يدير الكون أثناء موته ؟



من كتاب سنوات مع اسئلة الناس لقداسة البابا شنودة الثالث 
إن الله لا يموت . اللاهوت لا يموت .

و نحن نقول في تسبحة الثلاثة تقدسيات " قدوس الله ، قدوس القوي ، قدوس الحي الذي لا يموت " .  و لكن السيد المسيح ليس لاهوتاً فقط ، إنما هو متحد بالناسوت . لقد أخذ ناسوتاً من نفس طبيعتنا البشرية ، دعي بسببه " إبن الإنسان " . و ناسوته مكون من الجسد البشري متحداً بروح بشرية ، بطبيعة مثل طبيعتنا قابلة للموت . و لكنها متحدة بالطبيعة الإلهية بغير إنفصال ...
و عندما مات علي الصليب ، إنما مات بالجسد ، بالناسوت .
و هذا ما نذكره في صلاة الساعة التاسعة ، و نحن نصلي قائلين : " يا من ذاق الموت بالجسد في وقت الساعة التاسعة".
و موت المسيح لم يكن ضعفاً . و لم يكن ضد لاهوته .
لأن اللاهوت حي بطبيعته لا يموت ، كما أنه شاء لناسوته أن يموت كمحرقة سرور ، و ايضاً لفداء العالم .
و لم يكن موته ضعفاً ، للأسباب الآتية :
1- لم يكن موته ضعفاً ، و إنما حباً و بذلاً . و كما يقول الكتاب " لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ  " ( يو 15 : 13 ).
- السيد المسيح تقدم إلى الموت باختياره ، فهو الذي بذل ذاته لكي يفدي البشرية من حكم الموت . و ما أعظم قوله في الدلالة علي ذلك " لِهذَا يُحِبُّنِي الآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هذِهِ الْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي "( يو 10: 17،18 )
إن ضعف الإنسان العادي في موته ، يتركز في أمرين :
أ‌- أنه يموت بدون إرادته ، و ليس له سلطان أن يهرب من الموت . أما المسيح فقد بذل ذاته ، دون أن يأخذها أحد منه .
ب‌-  الإنسان العادي إذا مات ، ليس في إمكانه أن يقوم إلا إذا أقامه الله . أما المسيح فقام من ذاته . و قال عن روحه " ولي سلطان أن آخذها أيضاً " . و هذا كلام يقال من مركز القوة و ليس من مركز الضعف .
و من دلائل قوة المسيح في موته :
3- أنه في صلبه و موته " إذا حجاب الهيكل قد انشق إلى إثنين من فوق إلى أسفل . و الأرض تزلزلت ، والصخور تشقق ، و القبور تفتحت ، و قام كثير من أجساد القديسين " حتى أن قائد المائة الذي كان يحرسه خاف – بسبب هذه المعجزة – هو و جنوده و قالوا " حَقًّا كَانَ هذَا ابْنَ اللهِ! " ( مت 27 : 51 – 52 ).
4- دليل آخر ، أنه في موته كان يعمل ، إذ فتح الفردوس و أدخل فيه روح آدم وباقي أرواح الأبرار و اللص .
5- من دلائل قوته في موته ، أنه بالموت داس الموت. و اصبح الموت حالياً مجرد قنطرة ذهبية يصل بها الناس إلى الحياة الأفضل . فيقول بولس الرسول " أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟  " .
من كان يدير الكون إذن أثناء موته ؟
لاهوته كان يدير الكون . اللاهوت الذي لا يموت ، الذي لم يتأثر إطلاقاً بموت الجسد اللاهوت الموجود في كل مكان ، الذي هو أيضاً في السماء 

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

ما المعني اللاهوتي لعبارة " صعد إلى السماء ، و جلس عن يمين الآب " ؟
و هل الله مثلنا له يمين و يسار ؟

لقداسة البابا شنودة الثالث من كتاب سنوات مع اسئلة الناس 

المقصود بصعود المسيح إلى السماء ، أنه صعد بالجسد . لأن اللاهوت لا يصعد و ينزل . فهو موجود في السماء و الأرض وما بينهما ، مالئ الكل . إنما يقصد الصعود بالجسد وهذا ما رآه التلاميذ يوم الصعود ( أع 1 : 9 )
و من جهة الجلوس ، الله ليس له يمين و يسار.
عبارة يمين و يسار تقال عن أي كائن محدود بيمين و يسار . أما الله فهو غير محدود. و من ناحية أخري لا يوجد فراغ حوله يجلس فيه أحد ، لأنه مالئ الكل و موجود في كل مكان . و كذلك لو جلس الابن إلى جواره ، لكانا متجاورين . و هذا ضد قول الابن "  أَنِّي فِي الآبِ وَالآبَ فِيَّ " ( يو 14 : 11).
إنما كلمة ( يمين ) ترمز إلى القوة و العظمة و البر .
كما نقول في المزمور " يمين الرب صنعت قوة ، يمين الرب رفعتني . يمين الرب صنعت قوة ، فلن أموت بعد بل احيا " ( مز 117 ) . و مثل وقوف الأبرار عن يمينه ، و الأشرار عن يساره في يوم الدينونة ( مت 25 ) . فكون المسيح عن يمين الآب أي في عظمته و بره . لذلك قال السيد المسيح لرؤساء الكهنة " مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ " ( مت 26 :64 ) .و كلمة ( جلس ) هنا ، تعني استقر .. استقر في هذه القوة. أي أن عبارة " لكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ " ( في 2 : 7 ) ، قد انتهت  بالصعود . و ما كان يسمح به من إهانات البصق و اللطم و الجلد و ما أشبه ، قد انتهي .
 وقد استقر الآن في عظمته . حتى إنه حينما يأتي في مجيئه الثاني ، سيأتي في مجده و جميع الملائكة القديسين معه . علي سحاب السماء ، كما صعد.
تابعوا صفحتنا علي الفيس بوك
شاركه على جوجل بلس

عن telecom engineer

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك