تفسير سفر ميخا من كتاب ارسلت الي الانبياء الاصحاحين الثاني والثالث

الإصحاح الثاني
( إقطاعيون طماعون )


تخطيط شرير ( 1 – 3) 

1 وَيْلٌ لِلْمُفْتَكِرِينَ بِالْبُطْلِ وَالصَّانِعِينَ الشَّرَّ عَلَى مَضَاجِعِهِمْ. فِي نُورِ الصَّبَاحِ يَفْعَلُونَهُ لأَنَّهُ فِي قُدْرَةِ يَدِهِمْ. 2 فَإِنَّهُمْ يَشْتَهُونَ الْحُقُولَ وَيَغْتَصِبُونَهَا وَالْبُيُوتَ وَيَأْخُذُونَهَا وَيَظْلِمُونَ الرَّجُلَ وَبَيْتَهُ وَالإِنْسَانَ وَمِيرَاثَهُ. 3 لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أَفْتَكِرُ عَلَى هَذِهِ الْعَشِيرَةِ بِشَرٍّ لاَ تُزِيلُونَ مِنْهُ أَعْنَاقَكُمْ وَلاَ تَسْلُكُونَ بِالتَّشَامُخِ لأَنَّهُ زَمَانٌ رَدِئ.

الصانعين الشر علي مضاجعهم : هم ينامون على مضاجعهم وبدلاً أن يفكروا أفكاراً طاهرة قبل النوم يفكرون بالباطل ويشتهون أملاك غيرهم فهم يصنعون شراً على مضاجعهم. وحينما يطلع الصبح ينفذون ما خططوا له ، لأنهم أقوياء أو بالرشوة (لأنه في قدرة يدهم) وهذا ما صنعه آخاب وإيزابل زوجته مع نابوت اليزرعيلي. هذا شر مع سبق الإصرار. ما يفكر فيه الإنسان حين يستلقي للراحة الجسدية يكشف عما في قلبه وفكره ونيَّاته. فالإنسان الروحي حين يستلقي ترتفع نفسه للتأمل في الإلهيات المبهجة ، والشرير تنغمس نفسه في الشرور التي تأسره وتستعبده. هذا وكما أن الليل يكشف لنا عما نحن عليه في النهار، فإن ما نفكر فيه بالليل يؤدي إلى عمله في النهار.
الرجل وبيته والإنسان وميراثه : يسلبون الرجل أملاكه التي يعول بها بيته. وميراثه: الميراث معطى من الرب ولكنهم لا يحترمون الوصية.
هذه العشيرة : أي إسرائيل. ويقصد بالشر: هنا التأديب بالسبي حيث يرونه شرًا قد حلٌ عليهم.
لا تزيلون منه أعناقكم : هم لم يحتملوا نير الله الهين أي لم يحتملوا تنفيذ الوصية (الوصية التاسعة أي لا تشته) فها هو الله يضعهم تحت نير من لا يرحم أي ملك أشور ثم ملك بابل. وكل من يخالف الوصية يتركه الله لنير إبليس. فالله حررنا وإشترانا ، وبكسرنا للوصية نعود لعبودية إبليس ثانية. وفيما يقعون في هذا النير، نير ملك أشور سيكون هذا زمان ردئ. ولن يسلكوا بالتشامخ ، فهو سوف يذلهم.

عقاب الطامعين ( 4 – 5 ) :

« فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يُنْطَقُ عَلَيْكُمْ بِهَجْوٍ وَيُرْثَى بِمَرْثَاةٍ وَيُقَالُ: خَرِبْنَا خَرَاباً. بَدَلَ نَصِيبِ شَعْبِي. كَيْفَ يَنْزِعُهُ عَنِّي ؟ يَقْسِمُ لِلْمُرْتَدِّ حُقُولَنَا ». 5 لِذَلِكَ لاَ يَكُونُ لَكَ مَنْ يُلْقِي حَبْلاً فِي نَصِيبٍ بَيْنَ جَمَاعَةِ الرَّبِّ.

ينطق عليكم بهجو : أي بسخرية وشماته. ويرثي بمرثاة : وأصدقائهم يرثونهم بمرثاة قائلين خربنا خراباً إذ يأتي يوم التأديب القاسي تتحول أفراحهم إلى مراثٍ ، وضحكهم إلى صراخٍ ، ويصيرون مثلاً لدى أصدقائهم وجيرانهم. ولأن أملاكهم كانت نتيجة ظلمهم فسينزعها الله منهم ويقولون بدل نصيب شعبي : أي غير نصيب شعبي ، فلم يصبح بعد ملكاً لهم ، بل صار ملكاً لأعدائهم. وسيندهشون قائلين كيف ينزعه مني : ينزعه فجأة وبعنف ويعطيه لأعدائنا ( يقسم للمرتد حقولنا ) فبالرغم من أن أعدائنا مرتدين عن الله فهم وثنيين إلا أن الله أعطى لهم أرض شعبه لأن شعبه صار ظالماً.
الحبل : يستخدم في تقسيم الميراث فلن يوجد من يوزع الميراث أو يتخاصم عليه ، لأن الكل يفقدون الميراث يعلن الله للطامعين أنهم إذ يسلبون الفقراء ظلماً يُنزع عنهم ما قد اغتصبوه ، بل ويفقدون مالهم فلا يكون لهم نصيب في الأرض التي وهبها الله لشعبه.

رفضهم كلمة النبوة (6) :

6 يَتَنَبَّأُونَ قَائِلِينَ: «لاَ تَتَنَبَّأُوا». لاَ يَتَنَبَّأُونَ عَنْ هَذِهِ الأُمُورِ. لاَ يَزُولُ الْعَارُ.

بعد أن تحدث عن خطية الطمع وما لحقها من خطايا مثل تدبير الشر والظلم والإغتصاب والتشامخ ، يتحدث عن خطية خطيرة وهي مقاومة كلمة الرب ، يتنبأون قائلين لا تتنبأوا : الأنبياء الكذبة يتنبأوا ضد أنبياء الرب قائلين لا تتنبأوا. والشعب المحب للخطية يقول للأنبياء لا تتنبأوا. هكذا أوصى المجمع بطرس ويوحنا أن لا ينطقا البتة ولا يعلما بإسم يسوع. لا يتنبأون عن هذه الأمور : أي لا تتنبأوا بأمور الخراب بل تنبأوا بأخبار مفرحة. لاحظ أن من يرفض التوبة يبغض التوبيخ وما نتيجة منعهم من التنبؤ بكلام الرب ؟ لا يزول العار.
فكثيراً ما نرفض الصراحة في توجيه حياتنا ، ونطلب الكلمات الناعمة والتعزيات البشرية الخادعة ، مع أننا في حاجة إلى الحزم النابع عن الحب.

النبي لا يصمت ( 7 – 9 ) :

7 أَيُّهَا الْمُسَمَّى بَيْتَ يَعْقُوبَ هَلْ قَصُرَتْ رُوحُ الرَّبِّ ؟ أَهَذِهِ أَفْعَالُهُ ؟ « أَلَيْسَتْ أَقْوَالِي صَالِحَةً نَحْوَ مَنْ يَسْلُكُ بِالاِسْتِقَامَةِ ؟ 8 وَلَكِنْ بِالأَمْسِ قَامَ شَعْبِي كَعَدُوٍّ. تَنْزِعُونَ الرِّدَاءَ عَنِ الثَّوْبِ مِنَ الْمُجْتَازِينَ بِالطُّمَأْنِينَةِ وَمِنَ الرَّاجِعِينَ مِنَ الْقِتَالِ. 9 تَطْرُدُونَ نِسَاءَ شَعْبِي مِنْ بَيْتِ تَنَعُّمِهِنَّ. تَأْخُذُونَ عَنْ أَطْفَالِهِنَّ زِينَتِي إِلَى الأَبَدِ.

أيها المسمى بيت يعقوب : أي أنتم تسمون أنفسكم بيت يعقوب، فهل تسلكون مثله باستقامة (أهذه أفعاله) أهذه أفعال أبيكم يعقوب. لو سلكتم كأبيكم يعقوب باستقامة سيعينكم روح الرب. هل قصرت روح الرب. عن أن تعينكم ، لكن الروح لا يعين إلا من يحاول أن يسلك باستقامة، لن يظهر عمل الروح في حياتهم إلا لو سلكوا باستقامة. 
بينما يعتزون بدعوة أنفسهم "بيت يعقوب" إذا بهم يقومون بدور العدو المحطم لهذا البيت فيواجههم الله ببعض أفعالهم وشرورهم ( قام شعبي كعدو ) هم قاموا كأعداء ضد الفقير. تنزعون الرداء عن الثوب : يأخذون العباءة ويتركون القميص الداخلي من المجتازين بالطمأنينة : أي السالكين بالسلام ومن الراجعين من القتال : أي غير المحاربين. فهم يتعاملون مع الأبرياء بوحشية كأنهم أعداء.
تطردون نساء شعبي : يعاملون النسوة كما لو كانوا نساء الأعداء. فيطردنهن ويأخذنهن جواري وعبيد. فهم لم يتركوا الفقراء يتنعمون بالقليل الذي عندهم. ويأخذون أطفالهن : كعبيد يبيعونهم وربما قاموا ببيعهم عبيداً للممالك الوثنية فحرموهم من التمتع بالإيمان بالله ، ونزعوا عنهم مجدهم. والأطفال هم زينة هذا الشعب ببراءتهم وقداستهم ( زينتي إلى الأبد ).

التحرك بالتوبة العملية (10–11) : 

10 « قُومُوا وَإذْهَبُوا لأَنَّهُ لَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الرَّاحَةَ. مِنْ أَجْلِ نَجَاسَةٍ تُهْلِكُ وَالْهَلاَكُ شَدِيدٌ. 11 لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَهُوَ سَالِكٌ بِالرِّيحِ وَالْكَذِبِ يَكْذِبُ قَائِلاً : أَتَنَبَّأُ لَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرِ لَكَانَ هُوَ نَبِيَّ هَذَا الشَّعْبِ !

قوموا وإذهبوا : إستعدوا لترك بلادكم ولتذهبوا إلى السبي. ستخرجون من بلادكم بالقوة كما أبعدتم النساء والأطفال بالقوة. لأنه ليست هذه هي الراحة : لقد أدخلهم الله لهذه البلاد لتكون لهم راحة (مز11:95) ولكنهم دنسوها بشرهم ، لم تكن هذه هي الراحة التي قصدها الله. من أجل نجاسة تهلك : فالخطية تنجس الأرض. والخطاة يجب أن لا ينتظروا راحة في الأرض التي نجسوها بل هلاكاً. وهذه الأرض ستقذفهم كما قذفت من قبلهم الكنعانيين الأشرار. وعلينا أن نعرف أن الأرض ليست مكان راحتنا فهي مكان غربة ، وليست لنا هنا مدينة باقية (عب14:13). إذاً لنقم ونذهب ونتحرر من كل الربط التي تربطنا بها ونعيش كسماويين. يدعوهم النبي للقيام من حالة الخطية ، حتى يتمتعوا بالراحة الحقيقية ولا يحل بهم الهلاك.
ويتكلم عن صفات الأنبياء الذين يحبون أن يستمعوا إليهم. سالك بالريح : أي يتكلم كلام فارغ بالكذب ويحلل لهم الخمر والمسكر ويتنبأ بزيادتهم ويبارك ملذاتهم الشهوانية (2تي3:4). إنهم لا يريدون نبيًا صادقًا ينطق بكلمة الله ، لأنها بالنسبة لهم عار وخزي. إنهم يريدون أنبياء أشرارًا يوافقونهم على شرورهم.

فتح باب الرجاء ( 12 – 13 ) : 

12 إِنِّي أَجْمَعُ جَمِيعَكَ يَا يَعْقُوبُ. أَضُمُّ بَقِيَّةَ إِسْرَائِيلَ. أَضَعُهُمْ مَعاً كَغَنَمِ الْحَظِيرَةِ كَقَطِيعٍ فِي وَسَطِ مَرْعَاهُ يَضِجُّ مِنَ النَّاسِ. 13 قَدْ صَعِدَ الْفَاتِكُ أَمَامَهُ. يَقْتَحِمُونَ وَيَعْبُرُونَ مِنَ الْبَابِ وَيَخْرُجُونَ مِنْهُ وَيَجْتَازُ مَلِكُهُمْ أَمَامَهُمْ وَالرَّبُّ فِي رَأْسِهِمْ.

 يختم الإصحاح بوعود بمراحم الله. فبعد أن يذهبوا للسبي سيجمعهم الله ثانية. وهذه الآيات تمت جزئياً في عودة اليهود من سبي بابل وتمت كاملة في المسيح نبوة ، أي في ملكوت المسيا. هنا ميخا كعادة الأنبياء بعد أن يشرحوا فساد حال الشعب يعطون وعداً بمجيء المخلص المسيح. أني أجمع جميعك يا يعقوب : فالكنيسة هي يعقوب الحقيقي. كل من ينتمي لإيمان يعقوب ، أولاد يعقوب بالإيمان. أضعهم معاً كغنم الحظيرة : هو الراعي وسط خرافه وهو الراعي الصالح. والحظيرة هي الكنيسة المملوءة من كل العالم. ومن كثرة من فيها ( يضج من الناس ). وفي المسيح إجتمع اليهود والأمم تحت قيادة راعٍ واحد ، وهم يسبحون الله.
الفاتك الذي صعد : هو السيد المسيح الذي فتك بالمَوت ؛ أماته بموته. عبر بشعبه من باب الجحيم ودخل بهم إلى فردوسه واهباً إياهم روح النصرة على آخر عدو وهو الموت؟. 
من الباب : ربما هو باب السبي يقتحمونه ويخرجون للحرية ، هو باب النجاة ، وربما هو المسيح الذي قال عن نفسه أنه هو الباب. يدخلون منه للكنيسة جسده. وملكهم أمامهم والرب في رأسهم فالمسيح هو رأس الكنيسة. وهو الذي يملك على قلوب من فيها. هو الفاتك الذي اقتحم أبواب الجحيم والموت وداس إبليس القوي.



++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

الإصحاح الثالث( القيادة الشريرة )


دعوة القادة للتعرف علي الحق (1) :

1 وَقُلْتُ: اسْمَعُوا يَا رُؤَسَاءَ يَعْقُوبَ وَقُضَاةَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. أَلَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الْحَقَّ؟


هنا يبرز خطايا القيادات ، أي الملك والرؤساء والقضاة الذين يسيئون إستخدام مراكزهم ، فالله وضعهم ليحكموا بالعدل لا بالظلم. والله يبرز أخطائهم لكي يقدموا توبة. وعندما يؤدي الرؤساء والأنبياء مهمتهم بأمانة فإنه يجب إكرامهم جداً أكثر من باقي الناس ، لكن عندما يخونون الأمانة يجب أن يعرفوا بخطيتهم كغيرهم. وهنا النبي يضعهم أمام محكمة. وفي كنيستنا فحتى الأب البطريرك له أب اعتراف يسمع منه كلمة الله. اسمعوا يا رؤساء يعقوب : اسمعوا كلمة الله التي فيها توبيخ لكم. أليس لكم أن تعرفوا الحق : لقد أصبحتم في ظلمة غير قادرين أن تعرفونه. فقفوا واصمتوا واسمعوا.


الظالمون الأشرار ( 2 – 4 ) :

2 الْمُبْغِضِينَ الْخَيْرَ وَالْمُحِبِّينَ الشَّرَّ النَّازِعِينَ جُلُودَهُمْ عَنْهُمْ وَلَحْمَهُمْ عَنْ عِظَامِهِمْ. 3 وَالَّذِينَ يَأْكُلُونَ لَحْمَ شَعْبِي وَيَكْشُطُونَ جِلْدَهُمْ عَنْهُمْ وَيُهَشِّمُونَ عِظَامَهُمْ وَيُشَقِّقُونَ كَمَا فِي الْقِدْرِ وَكَاللَّحْمِ فِي وَسَطِ الْمِقْلَى. 4 حِينَئِذٍ يَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ فَلاَ يُجِيبُهُمْ بَلْ يَسْتُرُ وَجْهَهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا أَسَاءُوا أَعْمَالَهُمْ.


إذ يتسلل حب المال والطمع إلى القلب يفقد الإنسان بصيرته الداخلية وتمييزه ، فيبغض الخير للآخرين ويشتهي لهم الشر.
فأول سمة للظالمين هو بغض الخير وحب الشر، ويقدم صورة لقسوتهم الفظيعة ضد المساكين. هم رعاة نهبوا خرافهم. صحيح أنه يليق بمن يرعى الرعية أن يأكل من لبن الرعية (1كو7:9). وأن يلبسوا من صوف غنمهم لكن ليس أن يأكلوا لحم شعبي ويكشطون جلدهم : يستغلونهم تماماً ، بأن يأخذوا من المسكين حتى ثوبه الوحيد ويأخذون غلتهم ، وفرضوا عليهم ضرائب باهظة وحصلوها بقسوة. ويهشمون عظامهم : للوصول للنخاع. ويشققون كما في القدر كأنهم يقطعون اللحم ليضعوه في القدر. لقد تحولوا لوحوش ضارية بدلاً من أن يكونوا رعاة. كان يليق بالقادة الروحيين أن يبذلوا أنفسهم لحساب الشعب ، لا أن يشبعوا شهواتهم ويفترسوا الشعب كوحوش ضارية ، كأكلة لحوم البشر.
حينئذ يصرخون إلي الرب فلا يجيبهم : فكما لم يسمعوا لصرخات إخوتهم حين كانوا في وسعٍ ورخاءٍ، يصرخون هم أيضًا في شدتهم ولا يجدوا استجابة. وكما ستروا وجوههم عن إخوتهم المساكين، يستر الله وجهه عنهم.

الأنبياء الكذبة ( 5 – 7 ) :

5 هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَلَى الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُضِلُّونَ شَعْبِي الَّذِينَ يَنْهَشُونَ بِأَسْنَانِهِمْ وَيُنَادُونَ: سَلاَمٌ ! وَالَّذِي لاَ يَجْعَلُ فِي أَفْوَاهِهِمْ شَيْئاً يَفْتَحُونَ عَلَيْهِ حَرْباً : 6 «لِذَلِكَ تَكُونُ لَكُمْ لَيْلَةٌ بِلاَ رُؤْيَا. ظَلاَمٌ لَكُمْ بِدُونِ عِرَافَةٍ. وَتَغِيبُ الشَّمْسُ عَنِ الأَنْبِيَاءِ وَيُظْلِمُ عَلَيْهِمِ النَّهَارُ. 7 فَيَخْزَى الرَّاؤُونَ وَيَخْجَلُ الْعَرَّافُونَ وَيُغَطُّونَ كُلُّهُمْ شَوَارِبَهُمْ لأَنَّهُ لَيْسَ جَوَابٌ مِنَ اللَّهِ».


على الأنبياء الكذبة أن يسمعوا هم أيضاً تهمتهم ومصيرهم ( هؤلاء الذي يضلون شعبي ) فهم يتملقوا الشعب بأخبار ونبوات مبهجة فيدفعونهم بالتالي للتمادي في الخطأ مقابل أموال الشعب فهم ينهشون بأسنانهم وينادون سلام : يأكلون لحم الشعب في مقابل نبواتهم الكاذبة بالسلام. والذي لا يعطيهم في أفواههم يفتحون عليه حرباً فهم يتنبأون ضده بالخراب. هؤلاء الذين أحبوا الظلام سيتركهم الله في الظلام ، ويحجب عنهم شمس الرؤيا والفرح والبهجة والرجاء. ولن يستطيعوا أن يبصروا في هذا الليل. تكون لكم ليلة بلا رؤيا : أي يحل عليكم ليل النكبات وتهجركم التعزيات ، وتفقدون القدرة على إتخاذ القرار السليم ( فيخزي الراؤون ويخجل العرافون). وحينما تجئ هذه الضربات سيخجلون خجلاً شديداً إذ إفتضح كذبهم. (ويغطون شواربهم ) كأنهم مرتبكين ليس لهم ما يقولونه عن أنفسهم فقد كان للشارب واللحية تقدير خاص لدى العبرانيين كعلامة عن الشجاعة والرجولة والقوة.

 ميخا وقوة الروح ( 8 ) : 

8 لَكِنَّنِي أَنَا مَلآنٌ قُوَّةَ رُوحِ الرَّبِّ وَحَقّاً وَبَأْساً لأخَبِّرَ يَعْقُوبَ بِذَنْبِهِ وَإِسْرَائِيلَ بِخَطِيَّتِهِ.


هنا النبي يختبر قوة إلهية ترافقه في عمله. وهذه القوة تدفعه للشهادة ضد الرؤساء والأنبياء الكذبة. وهو يشعر أن رسالته حق. وهو مملوء من كل محبة يوبخ الجميع ليتوبوا. فيُرجع ميخا سرٌ قوته إلى عمل الروح القدس فيه وهو هنا يذكر أنه يخبر يعقوب بذنبه وإسرائيل بخطيته ولم يقل يهوذا. والسبب أنه في وقت هذه النبوة كانت مملكة إسرائيل قد ذهبت للسبي فأطلق إسم إسرائيل على يهوذا. وقد استنتجنا أن هذه النبوة حدثت في أيام ما بعد السبي الأشوري لإسرائيل من الآية (12) في هذا الإصحاح ( لذلك بسببكم تفلح صهيون ..... ).


توبيخ القادة في صراحة ( 9-12 ) :

9 اِسْمَعُوا هَذَا يَا رُؤَسَاءَ بَيْتِ يَعْقُوبَ وَقُضَاةَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يَكْرَهُونَ الْحَقَّ وَيُعَوِّجُونَ كُلَّ مُسْتَقِيمٍ. 10 الَّذِينَ يَبْنُونَ صِهْيَوْنَ بِالدِّمَاءِ وَأُورُشَلِيمَ بِالظُّلْمِ. 11 رُؤَسَاؤُهَا يَقْضُونَ بِالرَّشْوَةِ وَكَهَنَتُهَا يُعَلِّمُونَ بِالأُجْرَةِ وَأَنْبِيَاؤُهَا يَعْرِفُونَ بِالْفِضَّةِ وَهُمْ يَتَوَكَّلُونَ عَلَى الرَّبِّ قَائِلِينَ : «أَلَيْسَ الرَّبُّ فِي وَسَطِنَا ؟ لاَ يَأْتِي عَلَيْنَا شَرٌّ!» 12 لِذَلِكَ بِسَبَبِكُمْ تُفْلَحُ صِهْيَوْنُ كَحَقْلٍ وَتَصِيرُ أُورُشَلِيمُ خِرَباً وَجَبَلُ الْبَيْتِ شَوَامِخَ وَعْرٍ.

إذ ينعم ميخا النبي بروح الرب القدير لن تعوزه الإمكانية للحديث الجريء ضد الرؤساء والقضاة الذين يكرهون الحق أي يوجهوا العدالة حسب مصالحهم الشخصية ويعوِّجون كل مستقيم. أي إساءة تفسير كلمة الرب ، هذا أيضاً ما يفعله الهراطقة حين يسيئون إستخدام بعض العبارات الكتابية لخدمة هرطقاتهم.
يبنون صهيون بالدماء وأورشليم بالظلم : بنوا بيوتهم بالظلم والتسخير دون أن يدفعوا أجرة. وهم يبنون قصوراً لهم ويدعون إنهم إنما يعمرون أورشليم فإنشغلوا بالإنشاءات الفخمة والمظاهر الخارجية على حساب طبقة الشعب الفقيرة. يهتمون بمظهر المدينة وجمالها كمن يسعون نحو المصلحة العامة ، بينما يكسرون الناموس ويظلمون المساكين. 
( رؤساؤها يقضون بالرشوة ..... ) يُدين النبي القادة الدينيين الذين يعملون كأجراء ، فتغويهم الرشوة ، وينحرفون بسب محبة المال. كما يُحذر الأغنياء وأصحاب السلطة من استخدام إمكانياتهم للتأثير على خدام الله ، هذه تُحسب رشوة ! تحوَّل الأنبياء الكذبة إلى مرتزقة يتنبأون حسبما يُقدم لهم من فضة ، فلا يشغلهم إعلان إرادة الله إنما كيف يكسبون المال. وهم يبررون مظالمهم بأنهم رجال الرب فهم يقولون أليس الرب في وسطنا. ولكن هل الإمتيازات الكنسية تبيح الظلم؟!
بسببكم تفلح صهيون كحقل : أي تحرث وتخرب تماماً. والمقصود بصهيون هي المرتفع المقام عليه الهيكل وقصر الملك. فكأن هذه نبوة بخراب الهيكل وبيت الملك. وتصير أورشليم خرباً : هذه نبوة بخراب بقية أورشليم. وقد تم هذا بعد سبي بابل ثم أيام الرومان سنة 70م. وجبل البيت : أي الجبل المبني عليه الهيكل يصبح شوامخ وعر : يصير كمرتفعات يملأها الشوك.
وكان لهذه النبوة أثرها الفعال بعد أكثر من قرن حيث اقتبسها إرميا النبي 
(أر 26 : 18) ، وقد كان لها انطباعها العميق على إرميا. اقتباسها أدى إلى إنقاذ حياة إرميا عندما تعرض لخطر الموت قتلاً في أيام يهوياقيم.




++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

شاركه على جوجل بلس

عن telecom engineer

    تعليقات بلوجر
    تعليقات فيسبوك